وقوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 18].
إن رضيت له التخلف عن ركب الجهاد فما نصحت له ولا قدمت إليه خيرا؛ لأنك حجبت عنه أكرم منزلة يطمع فيها طامع، منزلة الشهداء في سبيل الله.
أولهما: أن تصمت عن كل ما يكره، شريطة عدم تعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا تسخر منه، ولا تلمزه، ولا تكذبه الحديث، ولا تشتمه، ولا تلقبه بما يكره، ولا تفش له سرًّا، ولا تذكر أهله وأحبابه بسوء، ولا تكشف عن عيب وجدته فيه، إنما تستر عيوبه ما وجدت إلى ذلك سبيلا.
وجميل هنا أن نورد قول المسيح عليه السلام لحوارييه:
"كيف تصنعون إذا رأيتم أخًا نائمًا، وقد كشف الريح ثوبه عنه؟
قالوا: نستره ونغطيه.
قال: بل تكشفون عورته.
قالوا: سبحان الله! من يفعل هذا؟
فقال: أحدكم يسمع الكلمة من أخيه فيزيد عليها بأعظم منها".
وقد قال الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 1 - 3].
فإذا رأيت عيبًا من أخيك فلا تذكره أمام الناس، ولكن انتظر حتى تخلوبه ثم اختر الجو المناسب للكلام بعد أن تذكره بالدعوة التى اجتمعتم عليها والصراط الذي إن انحرفتم عنه وضللتم أخرتم نجاح دعوتكم، ثم اذكر له ما كرهت منه، وإن كان هذا الذى كرهته لا ينبغي السكوت عليه ولا يحتمل فلا شك في أن أخاك المؤمن سيستجيب