البشاشة والاستبشار.
وأعلاها أن تقدم قضاء حوائجه على قضاء حوائجك، وأن تنقذه مما يلم به من خطر ولو كان في ذلك حتفك.
وقد صور الله عز وجل هذا الحق الذى ساقه في كتابه الكريم عندما قال موسى عليه السلام {رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25] ردًّا على قول بني إسرائيل له: {إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24].
ورُوى أن خليفة أمر بضرب رقاب ثلاثة من الصالحين فيهم أبو الحسين النوري، فتقدم أبو الحسين ليكون أول من تضرب عنقه. فعجب الخليفة لذلك وسأله عن سببه؟ فقال أبو الحسين: أحببت أن أوثر إخواني بالحياة في هذه اللحظات. فكان ذلك سببًا في نجاتهم جميعًا.
قضى ابن شبرمة حاجة كبيرة لبعض إخوانه. فجاءه بهدية فقال ابن شبرمة، ما هذا؟
قال أخوه: لما أسديته إليَّ.
قال ابن شبرمة: خذ مالك عافاك الله. إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى.
وكان الحسن يقول: إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا، وإن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا بالآخرة.
ولكن احذر أيها الأخ أن يدفعك حرصك على نفس أخيك أن ترغبه في ترك الجهاد حتى لا يمسه الضر، وتدبر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آل عمران: 156].