قال: ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان؛ الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار.
قال الإمام النووي: وبذل السلام للعالم، والسلام على من عرفت ومن لم تعرف، وإفشاء السلام كلها بمعنى واحد. وفيها لطيفة أخرى وهي أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التي هي الحالقة، وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه، ولا يخص أصحابه وأحبابه به، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: بذل السلام يتضمن مكارم الأخلاق، والتواضع، وعدم الاحتقار، ويحصل به التآلف والتحابب.
ولإفشاء السلام منزلة عظيمة القدر؛ فبه يعلي الله من درجات أهل الايمان، وفي جامع الترمذى عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة -قال: أحسبه قال: في المنام- فقال: يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: لا. قال: فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي -أو قال: في نحري- فعلمت ما في السماوات وما في الأرض. قال: يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم. قال: في الكفارات، والكفارات: المكث في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه. وقال: يا محمد، إذا صليت فقل: اللَّهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون. قال: والدرجات إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام" (?).
ولا يخفى عليكم -إخوتاه- حكم السلام، وكونه سنة عين من المنفرد، وسنة على الكفاية من الجماعة، وإن الأفضل السلام من جميعهم، أما رد السلام فهو فرض