أبو حاتم بن حبان في كتاب «الثقات» (?). وقال الدارقطني: لا يترك ومما أنكر عليه حديث الإفك، فإنه رواه غير ما رواه الناس.

فهذا كلام الأئمة يبيّن ما ذكرناه فيه من التفصيل. وبذلك يعرف ضعف ما ذكره من حديث ابن عمر، يبيّن ذلك اتفاق العلماء على كراهة مس قبر النبي صلى الله عليه وسلّم، فكيف يكون ابن عمر قد مسّه ولا يعرفون ذلك كما عرفوا مسه لمنبره؟ وقد ثبت عن ابن عمر أنه كره مسه. وروى أبو الحسن علي بن عمر القزويني أيضا في «أماليه» قال: قرأت على عبيد الله الزهري قلت له: حدّثك أبوك قال: حدّثني عبد الله بن أحمد قال:

حدّثني أبي قال: سمعت أبا زيد حماد بن دليل قال لسفيان- يعني ابن عيينة- قال:

أكان أحد يتمسح بالقبر؟ قال: لا؛ ولا يلتزم القبر ولكن يدنو. قال أبي: يعني إلا عظاما لرسول الله صلى الله عليه وسلّم.

وحماد بن دليل هذا الذي سمعه أحمد يسأل ابن عيينة هو معروف من أهل العلم، روى عنه أبو داود وكان قاضي المدائن.

وروى أيضا أبو الحسن القزويني عن الزهري عن نوح بن يزيد قال: أخبرنا أبو إسحاق، يعني إبراهيم بن سعد، قال: ما رأيت أبي قط يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلّم، وكان يكره إتيانه. ونوح بن يزيد بن سيار المؤدب هذا الراوي عن إبراهيم بن سعد هو ثقة معروف بصحبة إبراهيم وله اختصاص به، روى عنه أحمد بن حنبل وأبو داود وغيرهما. قال أبو بكر الأثرم: ذكر لي أبو عبد الله نوح بن يزيد المؤدب فقال: هذا شيخ كبير، أخرج إليّ كتاب إبراهيم بن سعد فرأيت فيه ألفاظا. وقال محمد بن المثنى: سألت أحمد بن حنبل عنه فقال: اكتب عنه فإنه ثقة حجّ مع إبراهيم بن سعد وكان يؤدب ولده. وذكره ابن حبان في «الثقات» (?).

وأما إبراهيم بن سعد فهو من أكابر علماء المدينة وأكثرهم علما وأوثقهم، وكان قد خرج إلى بغداد. روى عنه الناس؛ أحمد بن حنبل وطبقته، ومن سعة علمه روى عنه الليث بن سعد، وهو أقدم وأجل منه.

وأما أبوه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري الذي ذكر عنه ابنه إبراهيم أنه قال: ما رأيت أبي قط أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلّم وكان يكره إتيانه. وهو من أفضل أهل المدينة في زمن التابعين ومن أصلحهم وأعبدهم، وكان قاضي المدينة في زمن التابعين في زمن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وأمثاله، وهو أدرك بناء الوليد بن عبد الملك المسجد وإدخال الحجرة فيه، وأدرك ما كان عليه السلف قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015