عبده} [سورة الزمر: (36)]، فهو وحده كاف عبده. وقال تعالى: / {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [سورة الطلاق: (3)]، فلهذا قال تعالى: {وقالوا حسبنا الله} ولم يقل ورسوله، ثم قال: {إنا إلى الله راغبون} [سورة التوبة: (59)]، ولم يقل ورسوله، بل جعل الرغبة إليه وحده، كما قال: {فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب} [سورة الشرح: (7 - 8)] فالرغبة تتضمن التوكل وقد أمر أن لا يتوكل إلا عليه، كقوله تعالى {وعلى الله فتوكلوا} [سورة المائدة: (23)]، وقوله {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} [سورة النحل: (99)] فالتوكل على الله وحده والرغبة إليه وحده والرهبة منه وحده، ليس لمخلوق لا للملائكة ولا الأنبياء [في هذا حق]، كما ليس لهم حق في العبادة. ولا يجوز أن نعبد إلا الله وحده، ولا نخشى ولا نتقي إلا الله وحده، كما قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياتهم زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون} [سورة الأنفال: (2)]، فإذا قال القائل: لا يجوز التوكل إلا على الله وحده ولا العبادة إلا لله وحده، ولا يتقى ويخشى إلا الله وحده -لا الملائكة ولا الأنبياء ولا غيرهم- كان هذا تحقيقًا للتوحيد، ولم يكن هذا سبًّا لهم ولا تنقصًا بهم ولا عيبًا لهم، وإن كان فيه بيان نقص درجتهم عن درجة الربوبية فنقص المخلوق عن الخالق من لوازم كل مخلوق. ويمتنع أن يكون المخلوق مثل الخالق، والملائكة والأنبياء كلهم عباد لله يعبدونه، كما قال تعالى: {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله ولا الملائكة المقربون} [سورة النساء: (172)]، وقال تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015