نزل فيه الوحي ابتداء، ولا غار ثور المذكور في القرآن الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه والله ثالثهما وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه: {لا تحزن إن الله معنا} [سورة التوبة: 40]، والنبي صلى لله عليه وسلم بعد نزول الوحي عليه لم يقرب ذلك الغار ولا غيره مما بمكة إلا المسجد الحرام / والمشاعر، وكذلك لما حج إنما ذهب إلى المسجد الحرام والمشاعر، وقد ثبت في الصحيح أنها أحب البقاع إلى الله تعالى فأغنى ذلك عن غيرها، ولهذا لا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد باتفاق الأئمة، ولو نذره في غير مسجد لم يوف بنذره، فإنه غير جائز. وقد تقدم عن الصحابة -أبي سعيد وابن عمر وبصرة بن أبي بصرة- أنهم نهوا عن السفر إلى الطور لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد). [ولفظ أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم وغيره (لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)] بصيغة النهي الصريحة، ورواه أحمد في المسند من حديث أبي هريرة من طريقين. والأماكن التي ينهى عن الصلاة فيها كأعطان الإبل والحمام هي مأوى الشياطين.

وكذلك ما يسافر إليه بعض الناس من المغارات ونحوها من الجبال قاصدين لتعظيم تلك البقعة بالشام ومصر والجزيرة وخراسان وغيرها، وكل موضع تعظمه الناس غير المساجد ومشاعر الحج، فإنه مأوى الشياطين، ويتصورون بصورة بني آدم أحيانًا حتى يظن كثير من الناس أنهم من الإنس وأنهم رجال الغيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015