وقيل: لا يقصر مطلقًا.
وقيل: لا يقصر إلا إلى قبر نبينا صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إلى قبور الأنبياء مطلقًا.
فهذان الوجهان من لم يعرفهما تخبط في هذه المسائل، فيعرف العمل الممكن المشروع والقصد في ذلك ليظهر له الفرق بين الرسول وبين غيره من جهة الفعل والقصد، فإن السفر المسمى زيارة له إنما هو سفر إلى مسجده.
وقد ثبت بالنص والإجماع أن المسافر ينبغي له أن يقصد السفر إلى مسجده والصلاة / فيه.
وعلى هذا فقد يقال: نهيه عن شد الرحال إلا إلى المساجد الثلاثة لا يتناول شدها إلى قبره فإن ذلك غير ممكن، لم يبق إلا شدها إلى مسجده وذلك مشروع، بخلاف غيره فإنه يمكن زيارته فيمكن شد الرحال إليه. لكن يبقى قصد المسافر ونيته ومسمى الزيارة في لغته هل قصده مجرد القبر أو المسجد أو كلاهما، كما قال مالك لمن سأله عمن نذر أن يأتي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن كان أراد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فليأته وليصل فيه، وإن كان أراد القبر فلا يفعل، للحديث الذي جاء (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد).
فهذا السائل من عُرْفه أن لفظ زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم تتناول من أتى المسجد وكان قصده القبر، ومن أتاه وقصده المسجد، وهذا عُرف عامة الناس المتأخرين