فَإنَّك لَا تحصل من ذَلِك إِلَّا على تكذيبك أَو احتقار من يسمعك وَلَا مَنْفَعَة لَك فِي ذَلِك أصلا إِلَّا كفر نعْمَة رَبك تَعَالَى أَو شكواه إِلَى من لَا يَرْحَمك وَإِيَّاك وَوصف نَفسك باليسار فَإنَّك لَا تزيد على إطماع السَّامع فَمَا عنْدك وَلَا تزد على شكر الله تَعَالَى وَذكر فقرك إِلَيْهِ وغناك عَن دونه فَإِن هَذَا يكسبك الْجَلالَة والراحة من الطمع فِيمَا عنْدك الْعَاقِل هُوَ من لَا يُفَارق مَا أوجبه تَمْيِيزه من سَبَب للنَّاس الطمع فِيمَا عِنْده لم يحصل إِلَّا على أَن يبذله لَهُم وَلَا غَايَة لهَذَا أَو يمنعهُم فيلؤم ويعادونه فَإِذا أردْت أَن تُعْطِي أحدا شَيْئا فَلْيَكُن ذَلِك مِنْك قبل أَن يَسْأَلك فَهُوَ أكْرم وأنزه وَأوجب للحمد من بديع مَا يَقع فِي الْحَسَد قَول الْحَاسِد إِذا سمع إنْسَانا يغرب فِي علم مَا هَذَا شَيْء بَارِد لم يتَقَدَّم إِلَيْهِ وَلَا قَالَه قبله أحد فَإِن سمع من يبين مَا قد قَالَه غَيره قَالَ هَذَا بَارِد وَقد قيل قبله وَهَذِه طَائِفَة سوء قد نصبت أَنْفسهَا للقعود على طَرِيق الْعلم يصدون النَّاس عَنْهَا ليكْثر نظراؤهم من الْجُهَّال الْحَكِيم لَا تَنْفَعهُ حكمته عِنْد الْخَبيث الطَّبْع بل يَظُنّهُ خبيثا مثله وَقد شاهدت أَقْوَامًا ذَوي طبائع رَدِيئَة وَقد تصور فِي أنفسهم الخبيثة أَن النَّاس كلهم على مثل طبائعهم لَا يصدقون أصلا بِأَن أحدا هُوَ سَالم من رذائلهم بِوَجْه من الْوُجُوه وَهَذَا أسوء مَا يكون من فَسَاد الطَّبْع