والذم فِي الْمُشَاهدَة ويثنون بِالْخَيرِ فِي المغيب أَو يمسكون عَن الذَّم وَأما العيابون البرآء من النِّفَاق والقحة فيمسكون فِي المشهد ويذمون فِي المغيب وَأما أهل السَّلامَة فيمسكون عَن الْمَدْح وَعَن الذَّم فِي المشهد والمغيب وَمن كل من أهل هَذِه الصِّفَات قد شاهدنا وبلونا إِذا نصحت فِي الْخَلَاء وبكلام لين وَلَا تسند سبّ من تحدثه إِلَى غَيْرك فَتكون نماما فَإِن خشنت كلامك فِي النَّصِيحَة فَذَلِك إغراء وتنفير وَقد قَالَ الله تَعَالَى {فقولا لَهُ قولا لينًا} وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تنفرُوا) وَإِن نصحت بِشَرْط الْقبُول مِنْك فَأَنت ظَالِم ولعلك مُخطئ فِي وَجه نصحك فَتكون مطالبا بِقبُول خطئك وبترك الصَّوَاب لكل شَيْء فَائِدَة وَلَقَد انتفعت بمحك أهل الْجَهْل مَنْفَعَة عَظِيمَة وَهِي أَنه توقد طبعي واحتدم خاطري وحمي فكري وتهيج نشاطي فَكَانَ ذَلِك سَببا إِلَى تواليف لي عَظِيمَة الْمَنْفَعَة وَلَوْلَا استثارتهم سَاكِني واقتداحهم كامني مَا انبعثت لتِلْك التواليف لَا تصاهر إِلَى صديق وَلَا تبايعه فَمَا رَأينَا هذَيْن العملين إِلَّا سَببا للقطيعة وَإِن ظن أهل الْجَهْل أَن فيهمَا تَأْكِيدًا للصلة فَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن هذَيْن الْعقْدَيْنِ داعيان كل وَاحِد إِلَى طلب حَظّ نَفسه والمؤثرون على أنفسهم قَلِيل جدا فَإِذا اجْتمع طلب كل امْرِئ حَظّ نَفسه