وتعالى أنه قال: "يا عبادي! إنّي حرّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلْتُه بينكم مُحَرّماً؛ فلا تظالموا.." 1؛ فإنّ هذا العموم في تحريم الظلم، أيِّ ظلْم، ولأيّ شخص، ومِن أيّ شخص -حتى حَرَّمه الله على نفسه- عمومٌ ليس له مُخَصِّص! ومَن استحلّ شيئاً مِن الظلم لأحدٍ مِن الناس المسلمين أو الكافرين، بل وظُلم الدواب، بدليلٍ صحيحٍ فلْيُظْهرْه!
بل ذهَب سُموُّ هذا الدين إلى أبعدَ مِن ذلك في أخلاقه وآدابه فجاءت نصوصه وأحكامه بتحريم أن يؤذيَ المسلم أخاه مِن غير قصْد له، كما هو الشأن في التنفير الصارم مِن أكل الثوم والبصل؛ لا لأنهما حرامٌ حرمةً ذاتيّةً، وإنما لكي لا يتأذى منهما المصلّون وملائكة الله2!!.
وقد روى تميم الداريّ، رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال:" لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامّتهم" 3؛ فهذا هو الواجب: النصيحة. وبهذا العموم، دون قيدٍ أو شَرْطٍ في أداء هذه النصيحة. وإذا كان الدين النصيحة؛ فإنّ معنى هذا أنّه واجبٌ على كل مسلمٍ أن يكون على النُّصْح، وأن يكون على هذا النصح وَفْقَ ما وَرَدتْ به النصوص من عموم. يقول الإمام ابن حبان مُعلِّقاً على هذا الحديث: الواجب على العاقل لزوم النصيحة للمسلمين كافة، وتَرْك الخيانة لهم بالإضمار، والقول، والفعل معاً؛ إذْ المصطفى صلى الله عليه وسلم