وصفة ذلك أن تُعارض جوابه بما يَنقضه نقضاً بيّناً، فإن لم يكن ذلك عندك، ولم يكن عندك إلا تكرار قولك، أو المعارضة بما لا يراه خصمك معارضةً؛ فأمسك؛ فإنّك لا تحصل بتكرار ذلك على أجرٍ، ولا على تعليمٍ، ولا على تعلّمٍ، بل على الغيظ لك ولخصمك، والعداوةِ التي ربما أدّت إلى المضرّات.
وإياك وسؤال المعنت، ومراجعة المكابر، الذي يطلب الغَلَبَةَ بغير علمٍ؛ فَهُما خُلُقا سوءٍ، دليلان على قلةِ الدين، وكثرة الفضول، وضعف العقل، وقوّة السخف، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا وردَ عليك خطابٌ بلسانٍ، أو هجمتَ على كلامٍ في كتابٍ؛ فإياك أن تُقابله مقابلة المغاضبةِ الباعثة على المغالبة، قبلَ أن تتبيّن بطلانه ببرهانٍ قاطعٍ، وأيضاً فلا تُقْبلْ عليه إقبال المصدّق به، المستحسن إياه، قبْلَ علمك بصحته ببرهانٍ قاطعٍ؛ فتَظلم في كلا الوجهين نفسك، وتبتعد عن إدراك الحقيقة، ولكن أَقْبِل عليه إقبال سالمِ القلب عن النزاع عنه، والنزوع إليه، إقبال مّن يُريد حظ نفسه في فهم ما سمع ورأى، فالتزيّد به علماً، وقبوله إن كان حسناً، أو ردّه إن كان خطأً؛ فَمَضْمونٌ لك-إن فعلتَ ذلك-: الأجر الجزيل، والحمد الكثير، والفضل العميم1!!.