وأجراً، لا حضور مستغنٍ بما عندك، طالباً عثرةً تُشيعها، أو غريبةً تُشنّعها؛ فهذه أفعال الأرذال الذين لا يفلحون في العلم1 أبداً.
فإذا حضرتها على هذه النية، فقد حصّلتَ خيراً على كل حال، وإن لم تحضرها على هذه النية، فجلوسك في منزلك أَرْوَحُ لبدنك، وأكرم لِخُلُقِك، وأسلمُ لدينك.
فإن حضرتها كما ذكرنا، فالتزمْ أحدَ ثلاثة أوجهٍ، لا رابع لها، وهي:
- إما أن تسكت سكوت الجهّال؛ فتحصل على أجر النية في المشاهدة، وعلى الثناء عليك بقلة الفضول، وعلى كرم المجالسة، وموَدّة مَن تُجالس.
- فإن لم تفعل ذلك، فاسأل سؤال المتعلم؛ فتحصل على هذه الأربع محاسن، وعلى خامسةٍ، وهي: استزادة العلم.
وصفة سؤال المتعلم أن تسأل عما لا تدري، لا عما تدري؛ فإنّ السؤال عما تدريه سُخفٌ، وقلةُ عقل، وشغلٌ لكلامك، وقطعٌ لزمانك بما لا فائدة فيه، لا لك ولا لغيرك، وربما أدّى إلى اكتساب العداوات، وهو -بَعْدُ- عينُ الفضول؛ فيجب عليك أن لا تكون فضولياً؛ فإنها صفةُ سوءٍ.
فإنْ أجابك الذي سألتَ بما فيه كفاية لك، فاقطع الكلام، وإنْ لم يُجبك بما فيه كفاية، أو أجابك بما لم تفهم؛ فقلْ له: لم أفهم، واستزدْه، فإنْ لم يَزدْك بياناً وسكتَ، أو أعاد عليك الكلام الأول، ولا مزيد؛ فأمسك عنه؛ وإلا حصلتَ على الشر والعداوة، ولم تحصل على ما تريد من الزيادة.
- والوجه الثالث: أن تُراجع مراجعة العالم.