وعلى هذه الوجهة مضى بعض عمري، ثم لَعَلِّي وصلت إلى السن التي كان عليها أولئك الكبار، فراجعت نفسي حينئذٍ: يا تُرى: وهل سَلِمْتُ مما عِبْتُ به أولئك الناس قبلي؟!

وهل سَلِمتْ لي أخلاقي كما أُحب؟!

وكان الجواب هو أنني رغم ذلك قد أصابني شيء أو أشياء مما قد أصاب غيري في هذه المرحلة من العمر!!.

وتساءلت عندها: سبحان الله! وكيف تكون الحال لو لم آخذ نفسي بما اجتهدت أن آخذها به؟!

وكيف حالُ من لم يتطلع منذ صغره إلى ما تطلعت إليه؟! الله المستعان!!.

إنه مع المجاهدة سيبقى في النفس أو يَعْلق بها بعض الشوائب من وَضَرِ الحياة الدنيا! ولكن الأمل حينئذٍ أن لا تكون هي الأصل في حياة الإنسان، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المرجوّ أن تكون المجاهَدة كفيلةً باستئصال تلك العوالق، ومن هنا تأتي أهمية هذه المجاهدة لإقامة النفس على أمر الله تعالى، وقد قال سبحانه في محكم كتابه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُم سُبُلَنَا} 1.

إنني على قناعة اليوم -أكثر مما كنت في الصِّبا- بأن الأزمة في هذه الدنيا إنما هي أزمة أخلاق، سواء بالنسبة للمسلمين أو غيرهم من أُمم الأرض، ولأجل ذلك يحصل ما يحصل في الدنيا من أزمات حادّة، ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015