الناس من جهة التمثيل أكفاء ... أبوهمُ آدم والأم حواء
نفسٌ كنفس وأرواح مشاكِلةٌ ... وأَعْظُمٌ خُلِقَتْ فيهم وأعضاء
فإن يك لهم في أصلهم شرف ... يفاخرون به فالطين والماء
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم ... على الهُدى لمن استهدى أدلاّء
وقدْرُ كل امرئ ما كان يُحْسِنُهُ ... وللرجال على الأفعال أسماء
وضدُّ كلِ امرئ ما كان يجهله ... والجاهلون لأهل العلم أعداء
فَفُزْ بعلمٍ تَعِشْ حياً به أبداً ... الناس موتى وأهل العلم أحياء
وقد لَمحَ بعض هذه المعاني ابن عصفور رحمه الله فقال فيها الأبيات التالية:
مع العِلْم فاسلك حيث ما سلك العِلْم ... وعنه فكاشفْ كل مَنْ عنده فهم
ففيه جلاء للقلوب من العمى ... وعونٌ على الدِّين الذي أَمْره حتمُ
فإني رأيت الجهل يُزْري بأهله ... وذو العلم في الأقوام يرفعه العِلْم
يُعَدُّ كبيرَ القوم وهو صغيرهم ... ويَنْفُذُ منه فيهم القول والحكم
وأيُّ رجاءٍ في امرئٍ شابَ رأسُهُ ... وأفنى سِنِيهِ وهو مستعجِمٌ فَدْم
يروح ويغدو الدهر صاحب بطْنةٍ ... تركّب في أحضانها اللحم والشحم
إذا سئل المسكين عن أمر دينه ... بدتْ رحضاء العيّ في وجهه تسمو
وهل أبصرتْ عيناك أقبح منظرا ... من أشيبَ لا علم لديه ولا حكم؟
هي السوأة السوءاء فاحذر شماتها ... فأوّلُها خزي وآخرها ذمُّ
وخالطْ رواة العلم واصحب خيارهم ... فصحبتهم زينٌ وخلطتهم غُنْمُ
ولا تعدون عيناك عنهم فإنهم ... نجوم إذا ما غاب نجم بدا نجم
ويترتب على معرفة الإنسان لحقيقة ذاته إدراكه ما ميزه الله به عن سائر المخلوقات، وإدراكه لما صيّره اللهُ به إنساناً، وما خلقه من أجله،