عندِ الله ليشتروا به ثمناً قليلاً، ويجادلون ولكن بالباطل ليُدْحِضُوا به الحق، ويؤمنون ولكن بالجبت والطاغوت، ويعبدون ولكن من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم، ويُبَيِّتون ولكن ما لا يرضى من القول، ويأتون الصلاة ولكن كُسالى ولا يذكرون الله إلا قليلاً، ويُصَلّون ولكن من المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، ويذكرون ولكن إذا ذُكّروا لا يَذْكرون، ويَدْعون ولكن مع الله آلهةً أُخرى، ويُنْفقون ولكن لا يُنْفقون إلا وهم كارهون، ويحكمون ولكن حُكْمَ الجاهلية يَبْغون، ويَخْلُقون ولكن يَخْلُقون إفكاً، ويحلفون ولكن يحلفون بالله وهم كاذبون.

فهؤلاء وإن كانوا بالصورة المحسوسة ناساً، فهم بالصورة المعقولة لا ناس ولا نسناس، كما قال أمير المؤمنين عليٌّ رضي الله عنه: يا أشباه الرجال ولا رجال بل هم من الإنس المذكور في قوله تعالى: { ... شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ... } 1. وما أَرى البحتري إذ اعتَبَر الناسَ بالخُلُقِ لا بالخَلْق متعدّياً في قوله:

لم يَبْقَ من جُلِّ هذا الناس باقيةٌ ... ينالها الفهم إلا هذه الصّور

ولا من يقول:

فجلُّهم إذا فكّرتَ فيهم ... حميرٌ أو ذئابٌ أو كلابُ

ولا تَحْسَبَنَّ هذه الأبيات أقوالاً شعرية، وإطلاقات مجازية، فإن الله تعالى يقول: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015