وَتَخْتَصُّ بِأَيَّامِ النَّحْرِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ وَحَادِي عَشَرِهِ وَثَانِي عَشَرِهِ أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَذْبَحْ، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا وَقَدِ اشْتَرَاهَا تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا تَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا اشْتَرَاهَا أَوْ لَا، وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَوَّلَ أَيَّامِ النَّحْرِ، إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْمِصْرِ لَا يُضَحُّونَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَسْلَمُ الْحَيَوَانُ مِنْهُ فَكَانَ فِي اعْتِبَارِهِ حَرَجٌ فَيَنْتَفِي وَالشَّقُّ فِي الْأُذُنِ وَالْوَسْمُ قَلِيلًا لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِجِلَالِهَا وَخِطَامِهَا، وَلَا يُعْطِي أَجْرَ الْجَزَّارِ مِنْهَا وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْهَدْيِ.
قَالَ: (وَتَخْتَصُّ بِأَيَّامِ النَّحْرِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ وَحَادِي عَشَرِهِ وَثَانِي عَشَرِهِ، أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا) لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ قَالُوا: أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا، وَهَذَا لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ الْعَقْلُ فَكَانَ طَرِيقُهُ السَّمْعَ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوهُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَأَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا لِمَا رُوِّينَاهُ، لِكَوْنِهِ مُسَارَعَةً إِلَى الْخَيْرِ وَالْقُرْبَةِ، وَأَدْنَاهَا آخِرُهَا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّأْخِيرِ عَنْ فِعْلِ الْخَيْرِ، وَيَجُوزُ ذَبْحُهَا فِي أَيَّامِهَا وَلَيَالِيهَا لِأَنَّ الْأَيَّامَ إِذَا ذُكِرَتْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ يَنْتَظِمُ مَا بِإِزَائِهَا مِنَ اللَّيَالِي كَمَا فِي النَّذْرِ لِمَا عُرِفَ مِنْ قِصَّةِ زَكَرِيَّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. قَالَ: (فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَذْبَحْ، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا وَقَدِ اشْتَرَاهَا تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً) ; لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الْفَقِيرِ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ تَعَيَّنَتْ لِلْوُجُوبِ، وَالْإِرَاقَةُ إِنَّمَا عُرِفَتْ قُرْبَةً فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَقَدْ فَاتَ فَيَتَصَدَّقُ بِعَيْنِهَا.
(وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا تَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا اشْتَرَاهَا أَوْ لَا) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَاتَ وَقْتُ الْقُرْبَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ إِخْرَاجًا لَهُ عَنِ الْعُهْدَةِ كَمَا قُلْنَا فِي الْجُمُعَةِ إِذَا فَاتَتْ تُقْضَى الظُّهْرَ وَالْفِدْيَةُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الصَّوْمِ إِخْرَاجًا لَهُ عَنِ الْعُهْدَةِ.
قَالَ: (وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَوَّلَ أَيَّامِ النَّحْرِ، إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْمِصْرِ لَا يُضَحُّونَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ ذَبِيحَتَهُ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ الصَّلَاةُ ثُمَّ الْأُضْحِيَّةُ» ، وَهَذَا الشَّرْطُ فِي حَقِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، أَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَهُمْ أَهْلُ السَّوَادِ فَيَجُوزُ ذَبْحُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا يَخْتَلِفُ وَقْتُهَا بِالْمِصْرِ وَعَدَمِهِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. أَمَّا شَرْطُهَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الظُّهْرَ يَمْنَعُ مِنْ فِعْلِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ فِي السَّوَادِ كَذَا هَذَا، وَلَوْ ضَحَّى بَعْدَ صَلَاةِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ صَلَاةِ أَهْلِ الْجَبَّانَةِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا لِأَنَّهُ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَجَازَ اسْتِحْسَانًا لِحُصُولِهَا بَعْدَ صَلَاةٍ مُعْتَبَرَةٍ فَإِنَّ الِاكْتِفَاءَ بِهَا جَائِزٌ، وَلَوْ ضَحَّى بِهَا بَعْدَ أَهْلِ الْجَبَّانَةِ قَبْلَ أَهْلِ الْمَسْجِدِ، قَالَ الْكَرْخِيُّ: كَذَلِكَ، وَقِيلَ يَجُوزُ بِكُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ وَصَلَاةُ أَهْلِ الْمِصْرِ لِعُذْرٍ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ بِكُلِّ وَجْهٍ ;