وَلَوِ اشْتَرَى بَقَرَةً لِلْأُضْحِيَةِ ثُمَّ أَشْرَكَ فِيهَا سِتَّةً أَجْزَأَهُ، وَيَقْتَسِمُونَ لَحْمَهَا بِالْوَزْنِ، وَتَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَيُجْزِئُ فِيهَا مَا يُجْزِئُ فِي الْهَدْيِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي يُرِيدُونَ الْقُرْبَةَ، حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ كَافِرًا أَوْ أَرَادَ اللَّحْمَ لَا الْقُرْبَةَ لَا يُجْزِئُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَأَنَّ الدَّمَ لَا يَتَجَزَّأُ لِيَكُونَ بَعْضُهُ قُرْبَةً وَبَعْضُهُ لَا، فَإِذَا خَرَجَ الْبَعْضُ عَنْ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً خَرَجَ الْبَاقِي، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ الشَّرِكَةِ مَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» ، وَتُجْزِئُ عَنْ أَقَلِّ مِنْ سَبْعَةٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرِ ; لِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا تُجْزِئَ إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ إِرَاقَةٌ وَاحِدَةٌ، إِلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِمَا رُوِّينَا وَأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالسَّبْعَةِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ. وَتَجُوزُ الْبَدَنَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ فَلَأَنْ يَجُوزَ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَقَلَّ مِنَ السُّبْعِ لَا يُجْزِئُهُ.
(وَلَوِ اشْتَرَى بَقَرَةً لِلْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ أَشْرَكَ فِيهَا سِتَّةً أَجْزَأَهُ) اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ ; لِأَنَّهُ أَعَدَّهَا لِلْقُرْبَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَفِي الشَّرِكَةِ بَيْعُهَا. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إِلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ إِلَّا بَقَرَةً وَلَا يَجِدُ شُرَكَاءَ فَيَشْتَرِيهَا ثُمَّ يَطْلُبُ الشُّرَكَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَوَّزْنَاهُ لِلْحَاجَةِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَطْلُبَ الشُّرَكَاءَ قَبْلَ الشِّرَاءِ لِئَلَّا يَكُونَ رَاجِعًا عَنِ الْقُرْبَةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَقِيلَ لَوْ أَرَادَ الِاشْتِرَاكَ وَقْتَ الشِّرَاءِ لَا يُكْرَهُ. وَقِيلَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا بِالشِّرَاءِ، فَإِنْ أَشْرَكَ جَازَ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ الشُّرَكَاءِ، وَقِيلَ الْغَنِيُّ إِذَا شَارَكَ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ ; لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى السُّبْعِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَبِالشِّرَاءِ قَدْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ.
قَالَ: (وَيَقْتَسِمُونَ لَحْمَهَا بِالْوَزْنِ) ; لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ وَلَا يَتَقَاسَمُونَهُ جُزَافًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ الْأَكَارِعُ وَالْجِلْدُ فَيَجُوزُ كَمَا قُلْنَا فِي الْبَيْعِ.
(وَتَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) لِمَا مَرَّ فِي الْهَدْيِ، وَلِقَوْلِ الصَّحَابَةِ: الضَّحَايَا مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَذَلِكَ اسْمٌ لِلْكِبَارِ دُونَ الصِّغَارِ.
قَالَ: (وَيُجْزِئُ فِيهَا مَا يُجْزِئُ فِي الْهَدْيِ) وَهُوَ الثَّنِيُّ مِنَ الْكُلِّ، وَهُوَ مِنَ الْغَنَمِ مَا لَهُ سَنَةٌ، وَمِنَ الْبَقَرِ سَنَتَانِ، وَمِنِ الْإِبِلِ خَمْسُ سِنِينَ، وَلَا يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ، لِمَا رَوَى أَبُو بُرْدَةَ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ضَحَّيْتُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَعِنْدِي عَتُودٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ أَفَيُجْزِئُنِي أَنْ أُضَحِّيَ بِهِ؟ قَالَ: يَجْزِيكَ وَلَا يُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَكَ» ، وَالْعَتُودُ مِنَ الْمَعْزِ كَالْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ، وَهُوَ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْحَوْلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الضَّأْنِ أَيْضًا، إِلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «نِعْمَ الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ» ، ثُمَّ الِاسْمُ يَتَنَاوَلُ السَّالِمَ مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ الْمَعِيبُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ فِي بَابِ الْهَدْيِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى، إِلَّا أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْعَيْبِ عَفْوٌ ; لِأَنَّهُ قَلَّمَا