انقرض من حكم الكتابة وحكم اللعان ورجم المحصن، وصار الغرض فيه إخراج لطيفه، وغوصاً على غريبه، ورداً على متقدم، فهذا يرد على أبي حنيفة وهذا يرد على مالك، وآخر يرد على الشافعي بزخرف من القول، ولطيف من الحيل، كأنه لا يعلم أنه إذا رد على الأول صواباً عند الله بتمويهه فقد تقلد المآثم عن العاملين به دهر الداهرين.
وهذا يطعن بالرأي على ماض من السلف وهو يرى، وبالابتداع في دين الله على آخر وهو يبتدع.
وكان المتناظرون فيما مضى يتناظرون في معادلة الصبر بالشكر وفي تفضيل أحدهما على الآخر وفي الوساوس والخطرات ومجاهدة النفس وقمع الهوى فقد صار المتناظرون يتناظرون في الاستطاعة والتولد والطفرة والجزء والعرض والجوهر فهم دائبون يخبطون في العشوات قد تشعبت بهم الطرق وقادهم الهوى بزمام الردى.