الناس جميعاً على أن الخلة بضم الخاء لإبراهيم وعلى أن موسى كليم الله وإبراهيم خليل الله، وعيسى روح الله، فإن كان معنى خليل الله: الفقير إلى الله، فأي فضيلة لإبراهيم في هذا القول إذ كان الناس جميعاً فقراء إلى الله والعجب لهم كيف لم يقولوا في قول الناس موسى كليم الله: أنه جريح الله من الكلم أو من معنى آخر.
ما منعهم من ذلك إلا أن الله يقول: {إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} فضاق عليهم الاحتيال، وما أشبه هذا بقولهم في: {وعصى آدم ربه فغوى} أي بشم من أكل الشجرة، وذهبوا إلى قول العرب: غوى الفصيل: إذا أتخم وهذا غوى يغوى وذلك غوى يغوي بكسر الواو غياً ولو وجدوا في: {وعصى آدم} مثل هذا التأويل أيضاً لقالوه.
وقالوا في قوله: {الرحمن على العرش استوى} أنه استولى وليس يعرف في اللغة استويت على الدار: أي استوليت عليها وإنما استوى في هذا المكان: استقر كما قال الله تعالى: {فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك} أي استقررت وقد يقول الرجل لصاحبه إذا رآه مستوفزاً (استو) يريد: استقر.
وأما قوله: {ثم استوى إلى السماء} فإنه أراد عمد لها وقصد فكل من كان في شيء ثم تركه لفراغ أو غير فراغ وعمد لغيره فقد استوى إليه.
فهذا مذهب القوم في تأويل الكتاب بآرائهم وعلى ما أصلوا من قولهم.
وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اعترضوه بالنظر فيما كان له وجه في