فإذا وسد الأمر إلى غير أهله، وتصدر للتدريس والفتيا كل من وجد من نفسه زيادة فهم وفضل ذكاء وذهن مع أنه لم يأخذ العلم عن أهل التخصص والصناعة إذا كان ذلك كذلك وقع الافتراق والاختلاف.
وقد عد أهل العلم أن من البلايا "أن يعتقد الإنسان في نفسه أو يُعتقد فيه أنه من أهل العلم والاجتهاد في الدين ولم يبلغ تلك الدرجة فيعمل على ذلك، ويعد رأيه رأيًا وخلافه خلافًا.. فتراه آخذًا ببعض جزئيات الشريعة في هدم كلياتها، وعليه نبه الحديث الصحيح: لا يقبض الله العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ". (?)
وأمثال هؤلاء أبكوا قديما ربيعة الرأي قال الإمام مالك -رحمه الله-: أخبرني رجل أنه دخل على ربيعة بن أبي عبد الرحمن فوجده يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ وارتاع لبكائه، فقال له: أمصيبة دخلت عليك؟ فقال: لا، ولكن استفتي من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم. وقال ربيعة: ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق. (?)