بعض الناس أن هذا من العدل، وأن حرمان المقرِض من الفائدة لقاء تنازله عن المال للمقترض زمنًا معينًا ظلمًا، ومع ذلك فلم يقل الله هذا قياس اجتهادي له وجه فلا بأس به، بل أكذبهم الله سبحانه بنفسه وحذرهم بلغة مخيفة فقال سبحانه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)} (البقرة: 275).
بل إن توهم العدل في الربا أظهر من توهم قياس اختلاط المكث ـ الذي يؤدي غالبًا إلى نظر محرم وكلام محرم ـ على الاختلاط العابر الذي يكون في الطرقات والمطاف، بل كيف يكون قياس الربا الذي فيه معاوضة بين التنازل عن المال لقاء فائدة يسيرة، أشنع من قياس اختلاط المجالسة الذي يؤدي إلى الفجور والفواحش على اختلاط عابر عارض؟! فانظر كيف توعد الله الربويين في قياسهم، واعتبر هذا بقياس دعاة الاختلاط.
فتأمل كم نفع فقهَ الشريعةِ القياسُ الصحيح المزكى بنور الوحي، وكم ضلت أمم بسبب القياس الفاسد.
تقرر أن الاختلاط محرم، ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في الحرم المكي والحرم المدني، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: «لا يدخل في الاختلاط: ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة، كما يقع في الحرم المكي والحرم المدني» (?).