فقول النساء للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ؛ فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ»، دليل ظاهر في كون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يرخص للنساء أن يأتين ويختلطن بالرجال في مجالس العلم التي يعقدها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأصحابه، وقول أبي سعيد الخدري: «فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ»، دليل آخر على تخصيص النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لهن مجلسَ علمٍ مستقلًا عن الرجال.

فإذا تأمل الباحث الصادق تفريق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بين (اختلاط الفتيا، واختلاط مجلس العلم) وكيف تسامح في أحدهما ولم يتسامح في الآخر، عَلِمَ علمًا قطعيًا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يجعل الاختلاط العارض كاختلاط المكث والمجالسة.

والمراد أن (الطواف والصلاة) شريعتان من جنس واحد، فقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم - «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلاَمِ» (رواه النسائي وصححه الألباني)، ومع ذلك فإن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فرق في حكم الاختلاط بينهما.

و (الفتيا ومجلس العلم) شريعتان من جنس واحد، فما مجلس العلم إلا مجموع فتاوى، ومع ذلك فرق النبي في أحكام الاختلاط بينهما.

فمَن تأمَّلَ تمييز النبي في الاختلاط في هذه الصور استبان له مراد الشارع، وعدم وضع هذه الصور موضعًا واحدًا، وبالتالي بطلان قياس دعاة الاختلاط في قياسهم اختلاط المكث على الاختلاط العارض، وإهدارهم مراعاة الزمن وقوة الإفضاء إلى الفتنة.

ما ضابط التفريق بين اليسير والكثير؟ (?)

بعض دعاة الاختلاط صار يعترض على تمييز أهل العلم بين الاختلاط العارض العابر الذي يكون في زمن يسير، وبين اختلاط المكث الذي يكون في زمن كثير أو دوري يتكرر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015