وَصَوْتهَا , كَمَا تَقَدَّمَ , فَلَا يَجُوز كَشْف ذَلِكَ إِلَّا لِحَاجَةٍ كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهَا , أَوْ دَاء يَكُون بِبَدَنِهَا , أَوْ سُؤَالهَا عَمَّا يَعْرِض وَتَعَيَّنَ عِنْدهَا» (?).
فالله سبحانه لما أمر بسؤالهن من وراء حجاب أشارت علة الحكم بمسلك الإيماء والتنبيه إلى عموم الحكم، فقال: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} إذ طهارة القلوب مطلوبة من عموم المسلمين لا من الصحابة وآمهات المؤمنين فحسب، فاتضح من عموم علة الحكم عموم الحكم لجميع النساء، ولو قلنا بتخصيصها بأمهات المؤمنين لعطلنا كثيرًا من أحكام الشريعة، إذ غالب آيات القرآن ذوات أسباب في نزولها.
قال الشخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -: «أما القرآن العظيم فمن أدلته العظيمة التي لا ينبغي عنها بحال من الأحوال أن الله أنزل فيه أدبًا سماويًا أدَّب به خير نساء الدنيا ـ وهن نساء سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ فأمر فيه جميع الرجال أن لا يسألوهن متاعًا إلا من وراء حجاب، ثم بين أن الحكمة في ذلك أن تكون قلوب كل من الجنسين في غاية الطهارة من أدناس الريبة بين الجنسين.
وقد تقرر في علم الأصول أن العلة تعمم معلولها وتخصصه والعلة في هذه الآية المتضمنة هذا الأدب السماوي الكريم الكفيل بالصيانة والعفاف وحفظ الكرامة والشرف معممة لحكم الآية الكريمة في جميع نساء المسلمين إلى يوم القيامة، وإن كان لفظها خاص بأزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وذلك في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}، ثم بين حكمة هذا الأدب السماوي وعلته ونتيجته بقوله جل وعلا: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}.
فدل ذلك بمسلك الإيماء والتنبيه من مسالك العلة أن علة السؤال من رواء