عليها، فالمسألة الآن أكبر من حكم الغناء والدف، فليتفطن لذلك من يتكلم على هذه المسائل، والله المستعان (?).
التنبيه الثامن:
الأصل في أفعال الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وأقواله وأحكامه عدم الخصوصية حتى تثبت بدليل؛ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} (الأحزاب: 21)، فدل على أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - قدوة الأمة في كل شيء، ولأنّ الصحابة كانوا يرجعون فيما أشكل عليهم إلى أفعاله فيقتدون به فيها.
قال ابنُ القيّم: «إِذَا رَأَيْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَمْرٍ قَدْ صَحّ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنّهُ فَعَلَهُ وَأَمَرَ بِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إنّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ خَاصّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بَاقٍ إلَى الْأَبَدِ فَقَوْلُ مَنْ ادّعَى نَسْخَهُ أَوْ اخْتِصَاصَهُ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ فَلَا يُقْبَلُ إلّا بِبُرْهَانٍ» (?).
واتفق العلماء على أنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قد خُصَّ في أحكام الشريعة بمعان لم يشاركه فيها أحد في باب الفرض والتحريم والتحليل مزيةً على الأمة، وهيبة له، ومرتبة خص بها ففرضت عليه أشياء لم تفرض على غيره، وحرمت عليه أشياء وأفعال لم تحرم عليهم، وحُللت له أشياء لم تحلل لهم، منها متفق عليه، ومنها مختلف فيه، وهذه الخصائص منها ما ثبت بالقرآن، ومنها ما ثبت بالسنة، ومنها ما يفهم من منطوق النصوص، ومنها ما يفهم من خلال الجمع والموازنة بين النصوص.