بالقولية، متأخرة ناسخة، أصل وأساس وقاعدة، لا يملك أحد تبديلها ولا تحريفها.
فأما الإباحة فبنيت على نصوص متشابهة ظنية: فعلية لا قولية، استثناء، وحالة ضرورة، متقدمة منسوخة، وبعضها ليست مصدرًا للتشريع؛ كونها ليست صادرة من صاحب الشريعة، بل ممن يؤخذ من قوله وفعله ويُرَدّ.
إن نصوص التحريم أنواع منوعة، كل نوع منها تحته أفراد كثيرة من الآثار محكمة الدلالة، ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وُضِعْنَ له، من بيان تحريم الاختلاط المنظم المقصود بين الجنسين.
وهي نصوص دالة على التحريم إما بالمطابقة، أو بالتضمن، أو باللزوم.
فقد احتوت على أنواع الدلالات الثلاثة كلها:
1 - فنصوص المباعدة والفصل بين الجنسين، دالة على تحريم الاختلاط بالمطابقة؛ أي طريق مباشرة، فهي نص في المسألة، فلم يكن منه - صلى الله عليه وآله وسلم - سعي ولا حرص على خلط الرجال والنساء في مجلس واحد، فلم يكن في مجلسه إلا الرجال، إلا استثناءً وعرضًا، كأن تأتي سائلة، أو شاكية، أو مستفتية، أو واهبة نفسها للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
لم يكن في مجلسه للشورى والعلم والتخطيط والمدارسة عائشة، ولا حفصة، ولا أم سليم، ولا صفية بنت عبد المطلب عمته، بل ولا ابنته فاطمة. وقد كن خيرة النساء مبشرات بالجنة. وهكذا مجالس أصحابه الخلفاء الراشدون من بعده خالية من العنصر النسائي.
ولم يُعْرَفْ عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - دعوته تجار الصحابة توظيف بنات الصحابة الفقراء في تجارتهم لسَدِّ عوزهن، ولا إرسالهن إلى الآفاق وحدهن للدعوة أو التعليم أو العلم، بل لما خرجت امرأة إلى الحج وحدها، أمر زوجها ـ وكان قد اكتتب في غزوة ـ أن يدَعَ الغزوة ويلحق بها.