اليه محمد يسأله القيام بامره، واصلاح ما بينه وبين المأمون، على ان يخلع نفسه عن الخلافه، ويسلم الأمر لأخيه.
فكتب اليه هرثمة: قد كان ينبغى لك ان تدعو الى ذلك قبل تفاقم الأمر، فاما الان فقد بلغ السيل الزبى، وشغل الحلى اهله ان يعار [1] ، ومع ذلك فانى مجتهد في اصلاح امرك، فصر الى ليلا، لأكتب بصوره امرك الى امير المؤمنين، وآخذ لك عهدا وثيقا، ولست آلو جهدا ولا اجتهادا في كل ما عاد بصلاح حالك، وقربك الى امير المؤمنين.
فلما سمع ذلك محمدا استشار نصحاءه ووزراءه، فأشاروا بذلك عليه، وطمعوا في بقاء مهجته.
فلما جنه الليل ركب في جماعه من خاصته وثقاته وجواريه، يريد العبور الى هرثمة.
فأحس طاهر بن الحسين بالمراسله التي جرت بينهما والموافقة التي اتفقا عليها.
فلما اقبل محمد، وركب بمن معه الماء شد عليه طاهر، فأخذه ومن معه، ثم دعا به في منزله، فاحتز راسه، وانفذه من ساعته الى المأمون.
واقبل المأمون حتى دخل مدينه السلام، وصفت له المملكة واستوسقت له الأمور.
وكان قتل محمد الامين ليله الأحد لخمس خلون من المحرم، سنه ثمان وتسعين ومائه [2] ، وقتل، وله ثمان وعشرون سنه، وكانت ولايته اربع سنين وثمانية اشهر.
وبويع المأمون، وهو عبد الله بن الرشيد، يوم الاثنين لخمس بقين من المحرم سنه ثمان وتسعين ومائه.