قال ابو مسلم، بل اسير انا.
فاستعد، وسار في اثنى عشر ألفا من ابطال جنود خراسان حتى إذا وافى الشام انحاز اليه من كان بها من الجنود جميعهم، وبقي عبد الله بن على وحده.
فعفا ابو مسلم عنه، ولم يؤاخذه بما كان منه.
وكانت خلافه ابى العباس اربع سنين وسته اشهر.
وان أبا جعفر عند مسير ابى مسلم نحو الشام وجه يقطين بن موسى في اثر ابى مسلم، وقال: ان تكن هناك غنائم فتول قبضها.
وبلغ ذلك أبا مسلم، فشق عليه، وقال: ان امير المؤمنين لم يأتمنى على ما هاهنا حتى استظهر على بامين. ودخلته من ذلك وحشه شديده.
ولما بلغ المنصور اصلاح الشام كره المقام بمدينه ابى العباس التي بالأنبار، فسار بعسكره الى المدائن، فنزل الى المدينة التي تدعى الرومية وهي من المدائن على فرسخ، وهي المدينة التي بناها كسرى انوشروان، وأنزلها السبى الذى سباه من بلاد الروم، فأقام المنصور بتلك المدينة.
وان أبا مسلم انصرف فاخذ على الفرات حتى وافى العراق على الأنبار، وجاز حتى وافى كرخ بغداد [1] ، وهي إذ ذاك قريه، ثم عبر دجلة من بغداد، وأخذ طريق خراسان، وترك طريق المدائن.
وبلغ ذلك أبا جعفر.
فكتب الى ابى مسلم: اريد مناظرتك في امور لم يحتملها الكتاب، فخلف عسكرك حيث ينتهى إليك كتابي، فاقدم على.
فلم يلتفت ابو مسلم الى كتاب المنصور، ولم يعبأ به.
وكان مع المنصور رجل من ولد جرير بن عبد الله البجلي، واسمه جرير بن يزيد بن عبد الله، وكانت له خلابة، وتات في الأمور، ومكيده.
فقال له ابو جعفر: اركب البريد حتى تلحق أبا مسلم، فتحاول رده الى،