فقال عمرو: ما كنت اتقدمك وأنت افضل منى فضلا، واقدم هجره وسنا.
فبدا ابو موسى، فصعد المنبر، فحمد الله واثنى عليه ثم قال:
ايها الناس، انا قد نظرنا فيما يجمع الله به الفه هذه الامه ويصلح امرها، فلم نر شيئا هو ابلغ في ذلك من خلع هذين الرجلين، على ومعاويه، وتصييرها شورى ليختار الناس لأنفسهم من راوه لها أهلا، وانى قد خلعت عليا ومعاويه، فاستقبلوا امركم، وولوا عليكم من احببتم ثم نزل.
وصعد عمرو، فحمد الله واثنى عليه، ثم قال:
ان هذا قد قال ما سمعتم، وخلع صاحبه، الا وانى قد خلعت صاحبه كما خلعه، واثبت صاحبي معاويه، فانه ولى امير المؤمنين عثمان، والطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه.
فقال له ابو موسى: مالك، لا وفقك الله، غدرت وفجرت، وانما مثلك مثل الكلب، ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث. فقال له عمرو: ومثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا.
وحمل شريح بن هانئ على عمرو فقنعه [1] بالسوط، وحجز الناس بينهما، وكان شريح يقول: ما ندمت على شيء قط كندامتى الا أكون ضربته مكان السوط بالسيف، اتى الدهر في ذلك بما اتى.
وانسل ابو موسى، فركب راحلته، وهرب، حتى لحق بمكة، فكان ابن عباس يقول: لحى الله أبا موسى، لقد نبهته فما انتبه، وحذرته بما صار اليه فما انحاش [2] . وكان ابو موسى يقول: لقد حذرني ابن عباس غدر عمرو، فاطمأننت اليه، ولم أظن انه يؤثر شيئا على نصيحه المسلمين. 2201