قال عمرو: فما يمنعك من ابنى عبد الله مع فضله وصلاحه وقديم هجرته وصحبته؟.
فقال ابو موسى: ان ابنك رجل صدق، ولكنك قد غمسته في هذه الحروب غمسا، ولكن هلم نجعلها للطيب ابن الطيب عبد الله بن عمر.
قال عمرو: يا أبا موسى، انه لا يصلح لهذا الأمر الا رجل له ضرسان، يأكل بأحدهما، ويطعم بالآخر.
قال ابو موسى: ويحك يا عمرو، ان المسلمين قد اسندوا إلينا امرا بعد ان تقارعوا بالسيوف وتشاكوا بالرماح، فلا نردهم في فتنه.
قال: فما ترى؟.
قال: ارى ان نخلع هذين الرجلين، عليا ومعاويه، ثم نجعلها شورى بين المسلمين، يختارون لأنفسهم من أحبوا.
قال عمرو: فقد رضيت بذلك، وهو الرأي الذى فيه صلاح الناس.
قال: فافترقا على ذلك، واقبل ابن عباس الى ابى موسى، فخلا به، وقال: ويحك يا أبا موسى، احسب والله عمرا قد اختدعك، فان كنتما قد اتفقتما على شيء فقدمه قبلك ليتكلم، ثم تكلم بعده، فان عمرا رجل غدار، ولست آمن ان يكون قد أعطاك الرضى فيما بينك وبينه، فإذا قمت به في الناس خالفك، قال ابو موسى: قد اتفقنا على امر لا يكون لأحدنا على صاحبه فيه خلاف ان شاء الله
فلما أصبحوا من غد خرجوا الى الناس، وهم مجتمعون في المسجد الجامع، فقال ابو موسى لعمرو:
اصعد المنبر، فتكلم.