دست ميسان [1] فافتحها بعد ان خرج اليه مرزبانها بجنوده، فالتقوا، فقتل المرزبان، وانهزمت العجم، فدخل مدينتها لا يمنعه شيء، فخلف بها رجلا، وسار الى ابرقباذ فافتتحها، ثم انصرف الى مكانه من البصره، وكتب الى عمر رضى الله عنه بما فتح الله عليه من هذه المدن والبلدان، وبعث بالكتاب مع انس بن الشيخ بن النعمان، فاختلفت القبائل إليها حتى كثروا بها.
ثم ان عتبة استاذن عمر في القدوم عليه، فاذن له، فاستخلف المغيره بن شعبه، ثم خطب الناس حين اراد الخروج خطبه طويله، قال فيها: اعوذ بالله ان أكون في نفسي عظيما، وفي اعين الناس صغيرا، وانا سائر، ولا حول ولا قوه الا بالله، وستجربون الأمراء بعدي، فتعرفون. وكان الحسن البصرى يقول، إذا تحدث بهذا الحديث: قد جربنا الأمراء بعده، فوجدنا له الفضل عليهم.
وان عمر رضى الله عنه اقر المغيره على ثغر البصره، فسار بالناس نحو ميسان، فخرج اليه مرزبانها، فحاربه، فأظهر الله المسلمين، وافتتح البلاد عنوه، وكتب الى عمر بالفتح، ثم كان من امر المغيره والنفر الذين رموه ما كان.
وبلغ ذلك عمر رضى الله عنه، فامر أبا موسى الأشعري بالخروج إليها، وان يصرف الخطط لمن هناك من العرب، ويجعل كل قبيله في محله، وان يأمر الناس بالبناء، وان يبنى لهم مسجدا جامعا، وان يشخص اليه المغيره بن شعبه، فقال ابو موسى: يا امير المؤمنين، فوجه معى نفرا من الانصار، فان مثل الانصار في الناس كمثل الملح في الطعام، فوجه معه عشره من الانصار، فيهم انس بن مالك، والبراء بن مالك، فقدم ابو موسى البصره، وبعث اليه بالمغيره بن شعبه، والنفر الذين شهدوا عليه، فسألهم عمر رضى الله عنه، فلم يصرحوا، فجلدهم، وامر المغيره ان يلحق بالبصرة، فيعاون أبا موسى على امره، ونظر ابو موسى الى زياد بن عبيد، وكان عبدا مملوكا لثقيف، فاعجبه عقله وأدبه، فاتخذه كاتبا، واقام معه، وقد كان قبل ذلك مع المغيره بن شعبه.