فسار عتبة بن غزوان حتى اتى مكان البصره اليوم، ولم تكن هناك يومئذ الا الخريبة، وكانت منازل خربه، وبها مسالح لكسرى تمنع العرب من العبث في تلك الناحية، فنزلها عتبة بن غزوان باصحابه في الاخبيه والقباب، ثم سار حتى نزل موضع البصره، وهي إذ ذاك حجارة سود وحصى، وبذلك سميت البصره، ثم سار حتى اتى الأبله، فافتتحها عنوه، وكتب الى عمر رضى الله عنه: اما بعد، فان الله، وله الحمد، فتح علينا الأبله، وهي مرقى سفن البحر من عمان، والبحرين، وفارس، والهند، والصين، واغنمنا ذهبهم وفضتهم وذراريهم، وانا كاتب إليك ببيان ذلك ان شاء الله.
وبعث بالكتاب مع نافع بن الحارث بن كلده الثقفى، فلما قدم على عمر رضى الله عنه تباشر المسلمون بذلك، فلما اراد نافع الانصراف، قال لعمر: يا امير المؤمنين. انى قد افتليت [1] فلاء بالبصرة، واتخذت بها تجاره. فاكتب الى عتبة ابن غزوان ان يحسن جواري.
فكتب عمر بن الخطاب رضى الله عنه الى عتبة: اما بعد، فان نافع بن الحارث ذكر انه قد افتلى فلاء، وأحب ان يتخذ بالبصرة دارا، فاحسن جواره، واعرف له حقه، والسلام.
فخط له عتبة بالبصرة خطه، فكان نافع أول من خط خطه بالبصرة، وأول من افتلى بها الافلاء، وارتبط بها رباطا، ثم ان عتبة سار الى المذار [2] ، واظهره الله عليهم، ووقع مرزبانها في يده، فضرب عنقه، وأخذ بزته، وفي منطقته الزمرد والياقوت، وارسل بذلك الى عمر رضى الله عنه، وكتب اليه بالفتح، فتباشر الناس بذلك، وأكبوا على الرسول، يسالونه عن امر البصره، فقال ان المسلمين يهيلون بها الذهب والفضه هيلا، فرغب الناس في الخروج، حتى كثروا بها، وقوى امرهم، فخرج عتبة بهم الى فرات البصره [3] ، فافتتحها، ثم سار الى