وكتب الى عمر بن الخطاب رضى الله عنه مع عروه بن زيد الخيل، فبكى عمر، وقال لعروه: ارجع الى أصحابك، فمرهم ان يقيموا بمكانهم الذى هم فيه، فان المدد وارد عليهم سريعا، وكانت هذه الوقعه في شهر رمضان يوم السبت سنه ثلاث عشره من التاريخ.
ثم ان عمر بن الخطاب استنفر الناس الى العراق، فخفوا في الخروج، ووجه في القبائل يستجيش، فقدم عليه مخنف بن سليم الأزدي في سبعمائة رجل من قومه، وقدم عليه الحصين بن معبد بن زراره في جمع من بنى تميم زهاء الف رجل، وقدم عليه عدى بن حاتم في جمع من طيّئ، وقدم عليه انس بن هلال في جمع من النمر بن قاسط، فلما كثر عند عمر الناس عقد لجرير بن عبد الله البجلي عليهم، فسار جرير بالناس حتى وافى الثعلبية، فضم اليه المثنى فيمن كان معه، وسار نحو الحيرة، فعسكر بدير هند [1] ، ثم بث الخيل في ارض السواد، تغير.
وتحصن منه الدهاقين، واجتمع عظماء فارس الى بوران، فأمرت ان يتخير اثنا عشر الف رجل من ابطال الأساورة [2] ، وولت عليهم مهران بن مهرويه الهمدانى فسار بالجيش حتى وافى الحيرة، وزحف الفريقان، بعضهم لبعض، ولهم زجل [3] كزجل الرعد، وحمل المثنى في أول الناس، وكان في ميمنه جرير، وحملوا معه. وثار العجاج، وحمل جرير بسائر الناس من الميسره والقلب، وصدقتهم العجم القتال، فجال المسلمون جولة، فقبض المثنى على لحيته، وجعل ينتف ما تبعه منها من الأسف، ونادى ايها الناس، الى، الى، انا المثنى فثاب المسلمون، فحمل بالناس ثانيه، والى جانبه مسعود بن حارثة اخوه، وكان من فرسان العرب، فقتل مسعود، فنادى المثنى: يا معشر المسلمين، هكذا مصرع خياركم، ارفعوا راياتكم. وحض عدى بن حاتم اهل الميسره،