على شاطئ النهر، ثم انحطوا الى جرجان، وسلكوا طبرستان، ثم لزموا ساحل البحر حتى انتهوا الى بلاد الديلم، فسألوهم السكنى معهم في بلادهم، فاجابوهم اليه، وكتبوا بينهم كتابا: الا يتأذى احد بأحد، فأقاموا آمنين، واتخذوا المعايش والقرى والمزارع، وايديهم مع أيدي الديلم في كل امر.
فلما قتل بهرام راى كسرى ان قد صفا له الملك، فلم يكن له همه الا الطلب بثار ابيه هرمزد، وأحب ان يبدأ بخاليه بندويه وبسطام، ونسى ايادى بندويه عنده، فمكث كسرى يكاشرهما [1] عشر سنين، وانه خرج في ايام الربيع كعادته، يريد الجبل ليصيف فيه، فنزل حلوان [2] وبندويه معه، فامر ان يضرب له قبة على الميدان، لينظر الى المرازبه إذا لعبوا الكره.
فجلس على تلك القبه، فراى شيرزاد بن البهبوذان يضرب بالكره ويجيد، فكان كلما ضرب، فأجاد، قال له كسرى زه سوار [3] ، فاحصى الموكل ذلك مائه مره قالها.
فكتب له الى بندويه بأربعمائة الف درهم، لكل مره اربعه آلاف درهم، فلما وصل الصك الى بندويه قذفه من يده، وقال: ان بيوت الأموال لا تقوم لهذا التبذير.
وبلغ كسرى قوله، فجعل ذلك ذريعه الى الوثوب به، فامر صاحب حرسه ان يأتيه، فيقطع يديه ورجليه، فاقبل صاحب الحرس لينفذ فيه امر كسرى، فاستقبله بندويه يريد الميدان، فامر به، فنكس عن دابته، وقطع يديه ورجليه، وتركه متشحطا في دمه بمكانه.