مَالِ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» " (?) ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَقْضِي بِمَا لَا يَكُونُ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
وَأَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» ".
وَأَيْضًا مَا اشْتُهِرَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ نِسْيَانِهِ فِي الصَّلَاةِ وَتَحَلُّلِهِ عَنْ رَكْعَتَيْنِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَقَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ: " «أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ سَهَوْتَ؟ " فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ» ". (?) وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَإِنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ وُقُوعُ الْخَطَإِ مِنْهُ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِذَاتِهِ، أَوْ لِأَمْرٍ مِنْ خَارِجٍ، لَا جَائِزَ أَنْ يُقَالَ بِالْأَوَّلِ ; لَوْ فَرَضْنَاهُ لَمْ يَلْزَمْ عَنْهُ الْمُحَالُ لِذَاتِهِ عَقْلًا (?) ، وَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ، فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَعَلَى مُدَّعِيهِ بَيَانُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ مَعَارَضٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّا قَدْ أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ حُكْمِهِ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فَلَوْ جَازَ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فِي حُكْمِهِ لَكُنَّا قَدْ أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ الْخَطَإِ، وَالشَّارِعُ لَا يَأْمُرُ بِالْخَطَإِ. (?) الثَّانِي: أَنَّ الْأُمَّةَ إِذَا أَجْمَعَتْ عَلَى حُكْمٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ كَانَ إِجْمَاعُهُمْ مَعْصُومًا عَنِ الْخَطَإِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ، وَلَوْ جَازَ عَلَى النَّبِيِّ الْخَطَأُ فِي اجْتِهَادِهِ لَكَانَتِ الْأُمَّةُ أَعْلَى رُتْبَةٍ مِنْهُ، وَذَلِكَ مُحَالٌ.