الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ
اتَّفَقُوا فِي الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الْمُتَقَابِلَةِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى اسْتِحَالَةِ التَّعَادُلِ بَيْنَهَا.
وَذَلِكَ لِأَنَّ دَلَالَةَ الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَدْلُولُهَا حَاصِلًا (?) ، فَلَوْ تَعَادَلَ الدَّلِيلَانِ فِي نَفْسَيْهِمَا لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ حُصُولُ مَدْلُولَيْهِمَا كَالدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ وَالدَّالِّ عَلَى قِدَمِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ وَهُوَ مُحَالٌ.
وَاخْتَلَفُوا فِي تَعَادُلِ الْأَمَارَاتِ الظَّنِّيَّةِ.
فَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْكَرْخِيُّ إِلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ.
وَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْجُبَّائِيُّ وَابْنُهُ (?) ، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوِ اسْتَحَالَ تَعَادُلُ الْأَمَارَتَيْنِ فِي نَفْسَيْهِمَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُحَالًا فِي ذَاتِهِ، أَوْ لِدَلِيلٍ خَارِجٍ، الْأَوَّلُ مُمْتَنِعٌ ; فَإِنَّا لَوْ قَدَّرْنَا ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ عَنْهُ لِذَاتِهِ مُحَالٌ عَقْلًا (?) ، وَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ مِنْ خَارِجٍ عَقْلِيًّا كَانَ أَوْ شَرْعِيًّا فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَعَلَى مُدَّعِيهِ بَيَانُهُ. (?)