فِي صِحَّةِ الْقِيَاسِ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِيهِ وَإِمَّا جِنْسًا كَمَا فِي قِيَاسِ وُجُوبِ قَطْعِ الْأَيْدِي بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْأَنْفُسِ بِالنَّفْسِ الْوَاحِدَةِ (?) وَأَنَّ الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، فَكَانَ إِمَّا مُلَائِمًا إِنْ كَانَ الِاشْتِرَاكُ فِي جِنْسِ الْعِلَّةِ أَوْ مُؤَثِّرًا إِنْ كَانَ الِاشْتِرَاكُ فِي عَيْنِهَا عَلَى مَا سَبَقَ تَحْقِيقُهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُبْطِلٍ لِلْقِيَاسِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْحُكْمُ مُخْتَلِفًا جِنْسًا وَنَوْعًا كَمَا فِي إِلْحَاقِ الْإِثْبَاتِ بِالنَّفْيِ أَوِ الْوُجُوبِ بِالتَّحْرِيمِ وَبِالْعَكْسِ، فَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ الِاخْتِلَافِ فِي صِحَّتِهِ وَأَنَّ الْمُخْتَارَ إِبْطَالُهُ (?) .
وَهُوَ قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ قَلْبُ الدَّعْوَى، وَالْآخَرُ قَلْبُ الدَّلِيلِ.
أَمَّا قَلْبُ الدَّعْوَى فَضَرْبَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّعْوَى إِمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ مُضْمَرًا فِيهَا أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: أَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مَرْئِيٌّ، فَهَذِهِ دَعْوَى فِيهَا إِضْمَارُ الدَّلِيلِ، وَتَقْدِيرُهُ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ إِذِ الْوُجُودُ هُوَ الْمُصَحِّحُ لِلرُّؤْيَةِ عِنْدَهُ.
فَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ: أَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ فِي جِهَةٍ لَا يَكُونُ مَرْئِيًّا، فَهَذِهِ الدَّعْوَى مُقَابِلَةٌ لِلْأُولَى مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَوْجُودَ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا هُوَ فِي جِهَةٍ وَإِلَى مَا لَيْسَ