المأخوذة من تقليد فلان وفلان ومن القياس ومن الاستحسان وهي الاختلاف المذموم الذي لا يحل اتباعه فمن تركها فقد ترك الاختلاف وأصحاب أولئك الأقوال كلها مأمورون بتركها والرجوع إلى حبل الله تعالى وصراطه فإذا تركوها فقد تركوا الاختلاف والفرقة ورجعوا إلى الفرض عليهم من الاتفاق اللازم ولهذا قلنا بفسخ قضاء كل قاضي قضى به بخلاف النص وسواء قال به طوائف من العلماء أو لا قال الله عز وجل {ولو شآء ربك لجعل لناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من لجنة ولناس أجمعين} فاستثنى تعالى من رحم من جملة المختلفين وأخرج المرحومين من جملة المختلفين وعديدهم ومن ظن أن قوله تعالى {إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من لجنة ولناس أجمعين} أنه يعني وللرحمة خلقهم وأرادوا بذلك استباحة الاختلاف فهو في غاية الفساد ببرهانين ضروريين أحدهما أن الله تعالى استثنى من رحم فأخرجهم من جملة المختلفين فلو أنه تعالى خلق المختلفين للرحمة لاستثنى المرحومين من أنفسهم ولأخرجهم من جملة أنفسهم وهذا باطل لا يجوز ومحال في الكلام لا يفهم والبرهان الثاني أن المختلفين موجودون وكل موجود عن حالة ما فلا شك عند كل مسلم أنه تعالى إنما خلقه ليكون على تلك الحالة وصح يقينا بلا مرية أنه الاختلاف الذي هم عليه بالعيان خلقهم إلا أن يقول قائل إن الضمير الذي في خلقهم وهو الهاء والميم راجع إلى من رحم
فيكون المراد حينئذ استثناء المرحومين من جملة المختلفين وأن أولئك الذين اعتصموا بحبل الله تعالى للرحمة فهذا صحيح لا شك فيه وذم الاختلاف وخروجه من الرحمة باق بحسبه وممن قال بهذا من السلف الصالح
عمر بن عبد العزيز ومالك بن أنس كما كتب إلى المهلب عن ابن مناس عن ابن مسرور عن يونس بن عبد الأعلى أخبرني ابن وهب أخبرني عبد الله بن يزيد عن المسعودي قال سمعت عمر بن عبد العزيز قرأ هذه الآية {ولو شآء ربك لجعل لناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من لجنة ولناس أجمعين} قال خلق أهل رحمته ألا