والمصيب مأجور منهم أجرين وهكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين ولم يبلغه وإنما الذم المذكور والوعيد الموصوف لمن ترك التعلق بحبل الله تعالى الذي هو القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه وقيام الحجة به عليه وتعلق بفلان وفلان مقلدا عامدا للاختلاف داعيا إلى عصبية وحمية الجاهلية قاصدا للفرقة متحريا في دعواه برد القرآن والسنة إليها فإن وافقها النص أخذ به وإن خالفها تعلق بجاهليته وترك القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء هم المختلفون المذمومون وطبقة أخرى وهم قوم بلغت بهم رقة الدين وقلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كل قائل فهم يأخذون ما كان رخصة من قول كل عالم مقلدين له غير طالبين ما أوجبه النص عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم فإن قال قائل فإذ لا بد من مواقعة الاختلاف فكيف التخلص من هذا الذم الوارد في المختلفين قيل له وبالله تعالى التوفيق قد علمنا الله تعالى الطريق في ذلك ولم يدعنا في لبس وله الحمد فقال تعالى {وأن هذا صراطي مستقيما فتبعوه ولا تتبعوا لسبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} وقال تعالى {وعتصموا بحبل
لله جميعا ولا تفرقوا وذكروا نعمة لله عليكم إذ كنتم أعدآء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من لنار فأنقذكم منها كذلك يبين لله لكم آياته لعلكم تهتدون} وقال تعالى {يا أيها لذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا لرسول وأولي لأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى لله ولرسول إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} فإذا وردت الأقوال فاتبع كلام الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم الذي هو بيان عما أمرنا الله تعالى به وما
أجمع عليه جميع المسلمين فهذا هو صراط الله تعالى وحبله الذي إذا تمسكت به أخرجك من الفرقة المذمومة ومن الاختلاف المكروه إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر كما قال الله تعالى وهذا هو الذي أجمع عليه جميع أهل الإسلام قديما وحديثا فإن لم يكن قط مسلم إلا ومن عقده وقوله إن كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه السلام فرض قبوله وأنه لا يحل لأحد معارضته بشيء من ذلك ولا مخالفته وبقيت سائر الأقوال