يظنون على سبيل الصلح بين المختصمين ونحو هذا مع أن أصحاب القياس قد كفونا ولله الحمد التعلق بهذا الباب لأنهم نعني حذاقهم ومتكلميهم مبطلون للرأي والاستحسان إلا أن يكون قياسا على علة جامعة وقد أصفق على هذا أكابر المتأخرين من الحنفيين المالكيين وسلكوا في ذلك مسلك الشافعيين وتركوا طرائق أسلافهم في الاعتماد على الرأي والاستحسان وقياس التمثيل المطلوب والتشبيه ولو لم يفعلوا لكان أمرهم أهون مما يظن لأنه لم يبق إلا بالرأي وحده مجردا والاستحسان المطلق فليس رأي زيد أولى من رأي عمرو ولا استحسان زيد أولى من استحسان رأي عمرو فحصل الدين وأعوذ بالله لو كان ذلك هملا غير حقيقة وحراما حلالا معا وحقا باطلا معا وتخليطا فاسدا وهذا أبين من أن يغلط فيه من له حس وبالله تعالى التوفيق واحتجوا بإجماع الأمة على تقديم أبي بكر إلى الخلافة وأن ذلك قياس على تقديم النبي صلى الله عليه وسلم له إلى الصلاة وأن عمر قال للأنصار ارضوا لإمامتكم من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاتكم وهي عظم دينكم قال أبو محمد وهذا من الباطل الذي لا يحل ولو لم يكن في تقديم أبي بكر حجة إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استخلف عليا على المدينة في غزوة تبوك وهي آخر غزواته عليه السلام فقياس الاستخلاف على الاستخلاف اللذين يدخل فيهما الصلاة والأحكام أولى من قياس الاستخلاف على الصلاة وحدها