عليه ولا علمه ولا عرفه ولو عرفوه ما كتموه فقد صح إجماعهم على إبطال القياس بلا شك وقد اضطر هذا الأمر وهذا البرهان طائفة من أصحاب القياس إلى الفرار من ذكر العلل وتعليل الأحكام جملة وعن لفظ القياس ولجؤوا إلى التشبيه والتمثيل والتنظير وهو المعنى الذي فروا منه بعينه لأنه لا بد لهم من التعريف بالشبه بين الأمرين الموجب تسوية حكم ما لم ينص عليه مع ما نص عليه منهما فكانوا كالمستجيرين من الرمضاء بالنار وكمحلل الخمر باسم النبيذ وأكثر ما هي هذه الطائفة فمن أصحاب مالك وأحمد ومن لم يقلد أحدا من علماء أصحاب الحديث ومنهم نبذ من أصحاب مالك ويسير من أصحاب أبي حنيفة فكيف يستحل من له علم وورع وفرار عن الكذب أن يدعي الإجماع فيما هذه صفته وفي أمر قد روي عن أصحابه أزيد من عشرين ألف قضية ليس فيها ما يدل على القياس إلا قضية واحدة لا تصح ونحو عشر قضايا يظن أنها قياس وليست عند التحقيق
قياسا وهم مجمعون معنا على أنه لم يحفظ قط عن أحد من الصحابة قياس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فإذ ذلك كذلك فنحن نبرأ إلى الله تعالى من كل دين حدث بعده صلى الله عليه وسلم ولو كان القياس حقا لما أغفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانه العمل به ثم من الباطل المتيقن أن يكون القياس مباحا في الدين ثم لا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي شيء نقيس ولا على ما نقيس ولا أين نقيس ولا كيف نقيس فصح أن القياس باطل لا شك فيه وأما القول والرأي والاستحسان والاختيار فكثير عنهم رضي الله عنهم جدا ولكنه لا
سبيل إلى أن يوجد لأحد منهم أن جعل رأيه دينا أوجبه حكما وإنما قالوا إخبارا منهم بأن هذا الذي يسبق إلى قلوبهم وهكذا