الله تعالى قد شبه الحياة الدنيا بالنبات النابت من الماء النازل من السماء فهي أشبه الأشياء به وشبه تلف جثث أولئك العصاة بالعدل وذلك لا يوجب استواءهما في شيء من الحكم في الشريعة غير الذي نص الله تعالى عليه من البلى بعد الجدة فقط فبطل ظنهم الفاسد والحمد لله رب العالمين وكذلك أيضا قوله تعالى {محمد رسول لله ولذين معه أشدآء على لكفار رحمآء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من لله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر لسجود ذلك مثلهم في لتوراة ومثلهم في لإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فستغلظ فستوى على سوقه يعجب لزراع ليغيظ بهم لكفار وعد لله لذين آمنوا وعملوا لصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} قال أبو محمد وذلك الزرع يرعى وليس متعبدا ولا جزاء عليه في الآخر والقوم الذين شبهوا به ولا شك أنهم خلاف ذلك وأنهم متعبدون مجازون بالجزاء التام في الآخرة وأن العجب ليكثر من عظيم تمويههم في الدين وتدليسهم فيه باحتجاجهم بهذه الآيات في القياس وما عقل قط ذو مسكة عقل أنه يجب في هذه الآيات تحريم بيع التبن بالتبن متفاضلا إذا حرم بيع التمر بالتمر متفاضلا وما قائل هذا قريب من الاستخفاف بالقرآن والشرائع ونعوذ بالله من هذا واحتج بعضهم في إثبات القياس بآبدة أنست ما تقدم وهو أنه قال من الدليل على صحة القياس قول الله تعالى {ولمرسلات عرفا} قال فأشار إلى العرف
قال أبو محمد وهذا دليل على فساد عقل المحتج به في إثبات القياس وقلة حيائه ولا مزيد وبالله تعالى نعوذ من الخذلان ونسأله التوفيق ولا عرف إلا ما بين الله تعالى نصا أنه عرف وأما عرف الناس فيما بينهم فلا حكم له ولا معنى وما عرف الناس مذ نشؤوا إلا الظلم والمكوس واحتجوا أيضا بأن قالوا قال الله عز وجل {ولبلد لطيب يخرج نباته بإذن ربه ولذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف لآيات لقوم يشكرون} قالوا