تعالى {يأيها لناس إن كنتم في ريب من لبعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في لأرحام ما نشآء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل لعمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى لأرض هامدة فإذآ أنزلنا عليها لمآء هتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} ولقوله تعالى {ولله لذي أرسل لرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت

فأحيينا به لأرض بعد موتها كذلك لنشور} وبقوله تعالى {ونزلنا من لسمآء مآء مباركا فأنبتنا به جنات وحب لحصيد} إلى قوله {ونزلنا من لسمآء مآء مباركا فأنبتنا به جنات وحب لحصيد} وبقوله تعالى {أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل لذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا}

قال أبو محمد وهذا كله من جنس ما ذكرناه آنفا والمحتج بهذه الآيات في إثبات القياس في الأحكام إما جاهل أعمى لا يدري ما القياس وإما مموه لا يبالي ما قال ولا ما أطلق به لسانه في استدامة حاله ولو كان هذا قياسا لوجب أن يحيي الله الموتى كل سنة في أول الربيع ثم يموتون في أول الشتاء كما تفعل الثمار وجميع النبات وهذا مما لا يقوله إلا ممرو وإنما أخبر تعالى في كل هذه الآيات بأنه يحيي الموتى ويقدر على كل ذلك لا على أن بعض ذلك مقيس على بعض البتة وذكروا أيضا في ذلك قول الله تعالى {ويقول لإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا * أولا يذكر إلإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا} وبقوله تعالى {يأيها لناس إن كنتم في ريب من لبعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في لأرحام ما نشآء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل لعمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى لأرض هامدة فإذآ أنزلنا عليها لمآء هتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} {يأيها لناس إن كنتم في ريب من لبعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في لأرحام ما نشآء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل لعمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى لأرض هامدة فإذآ أنزلنا عليها لمآء هتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} قال أبو محمد هذا هو إبطال القياس على الحقيقة لأنه لا سبيل إلى أن يخلق ثانية من نطفة ولا من علقة ولا من مضغة فإنما معنى هذه الآية من الله تعالى علينا وتذكيره لنا بقدرته على ما يشاء لا إله إلا هو وكذلك الآية التي قبلها أن الإنسان لم يك شيئا ثم خلق ولا سبيل إلى أن يعود لا شيء أبدا بل نفسه عائدة إلى حيث رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ويعود الجسم ترابا ثم يجمعان

يوم القيامة فيخلد حيا باقيا أبد الأبد بلا نهاية ولا فناء في نعيم أو عذاب فبطل القياس ضرورة من حيث راموا إثباته تمويها على اغترابهم وهذه الآيات كلها هي بمنزلة قوله تعالى {أأنتم أشد خلقا أم لسمآء بناها * رفع سمكها فسواها} فإنما بين قدرته على ما شاهدنا وعلى ما أخبرنا به مما لم نشاهد وهذا إبطال للقياس ولظنون الجهال لأن الله تعالى نص على تشابه الأشياء كلها بعضها لبعض ولم يوجب من أجل ذلك التشابه أن تستوي في أحكامها وهذا هو نفس قولنا في إبطال القياس في تسوية الأحكام بين الأشياء المشتبهات وبالله التوفيق

ومثل ذلك قوله تعالى {وضرب لهم مثل لحياة لدنيا كمآء أنزلناه من لسماء فختلط به نبات لأرض فأصبح هشيما تذروه لرياح وكان لله على كل شيء مقتدرا} وكقوله تعالى {إنا بلوناهم كما بلونآ أصحاب لجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين * ولا يستثنون} الآيات إلى قوله تعالى {كذلك لعذاب ولعذاب لآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} قال أبو محمد ولا شبه أقوى من شبه شهد الله تعالى بصحبته فإذا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015