فإنما أنكر ذلك من جهل أن هذه الصدقة الواجب قبولها قد نزل بها الشرع وهو عمر رضي الله عنه ولسنا ننكر مغيب الواحد من الصحابة أو الأكثر منهم عن نزول حكم قد علمه غيره منهم وأما الحديث المروي عن عائشة رضي الله عنها فرضت الصلاة فلا حجة فيه علينا بل هو حجة لنا وقد يظن عمر إذا نقلت صلاة الحضر إلى أربع ركعات أن صلاة السفر أيضا منقولة والغلط غير مرفوع عن أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو محمد وتعلل بعض من غلط في هذا الباب من أصحابنا بأن قالوا قوله صلى الله عليه وسلم استنشق اثنتين بالغتين إلا أن تكون صائما في حديث لقيط بن صبرة الأيادي في ذلك مانع من مبالغة الصائم في الاستنشاق قال أبو محمد وليس ذلك كما ظنوا ولكن حديث لقيط فيه إيجاب المبالغة على غير الصائم فرضا لا بد له من ذلك وفيه استثناء الصائم من إيجاب ذلك عليه فسقط عن الصائم فرض
المبالغة وليس في سقوط الفرض ما وجب المنع منها فليس في الحديث المذكور منع الصائم منها لكنه له مباحة لا واجبة ولا محظورة لأن الإباحة واسطة بين الحظر والإيجاب فإذا سقط الإيجاب لم ينتقل إلى الحظر إلا بنهي وارد لكن ينتقل إلى أقرب المراتب إليه وهي الإباحة أو الندب وإذا سقط التحريم ولم ينتقل إلى الوجوب إلا بأمر وارد لكنه ينتقل إلى أقرب المراتب إليه وهي الإباحة أو الكراهة وقد بينا هذا في باب النسخ من هذا الكتاب
قال أبو محمد وقال بعض من غلط في هذا الفصل أيضا من أصحابنا إن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صفوان بن عسال المرادي ألا