والعامل به يسير في ظلماء، ويخبط في عشواء، مع أن أحاديث في الكتابين قد تكلم فيها، ولم يسلم لصاحبها إخراجها في جملة الصحيح، وإن كان ذلك الاعتراض لا يخرج الكتابين عن تسميتهما بالصحيحين، ومع أن بعض الكلام في تلك الأحاديث تعسف وتشطط لا يصغى إليه ولا يعرج عليه.

وقد أخرجت في هذا الكتاب أحاديث قليلة من كتاب، وتركتها في كتاب أشهر من الكتاب الذي أخرجتها منه، ثم نبهت على كونها في ذلك الكتاب المشهور، وإنما فعلت ذلك لزيادة في الحديث، أو لبيانه أو لكماله وحسن سياقه، أو لقوة سند في ذلك الحديث على غيره، ومنها ما فعلته نسيانًا ونبهت على الكل، وقد يكون حديثًا بإسناد صحيح، وله إسناد آخر أنزل منه في

الصحة، لكن يكون لفظ الإسناد النازل أحسن مساقًا أو أبين، فآخذه لما فيه من البيان وحسن المساق، إذ المعنى واحد، وإذ هو صحيح من أجل الإسناد الآخر، أو يكون حديث تعضده آية ظاهرة البيان من كتاب الله تعالى، فإنه وإن كان معتلًا أكتبه؛ لأن معه ما يقويه ويذهب علته، وهذا النوع المعتذر عنه في هذا المجموع قليل.

وجعلت هذا الكتاب مختصر الإسناد، ليسهل حفظه ويقرب تناوله، وتتيسر فائدته إلّا أحاديث يسيرة ذكرت سندها أو بعضه ليتبين الراوي المتكلم فيه لأنه ربما كان الراوي لا يعرف إلاّ حتى يذكر عن من روى، ومن روى عنه، وربما فعلت ذلك لقرب السند، وربما يكون مما تقدم ذكره والكلام عليه في موضع آخر ولغير ذلك، وربما ذكرت من الإسناد رجلًا مشهورًا يدور

الحديث عليه، ويعرف به كما تقدم، وعلى كتاب مسلم في الصحيح عولت ومنه أكثر ما نقلت، وإلى الله عز وجل أرغب، ومنه تبارك وتعالى أسأل وأطلب أن يجعل ذلك خالصًا لوجهه مقربًا إليه مزلفًا لديه، وأن يعين على العمل به والأخذ بما فيه، وأن ييسر لنا طريق النجاة، وسبيل الهداة، وأن يرزقنا طيب الحياة وكرم الوفاة برحمته لا رب غيره وهو المستعان، وعليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015