ذكرت الجرحة في بعض المواضع، وربما قلت: لا يصح هذا من قبل إسناده، اتكالًا على شهرة الحديث في الضعف، وإنما أعلل من الحديث ما كان فيه أمر أو نهي أو يتعلق به حكم، وأما ما سوى ذلك، فربما كان في بعضها سمح، وليس منها شيء عن متفق على تركه فيما أدري وليس فيه أيضًا من هذا النوع إلَّا قليل.

ولعل قائلًا يقول: قد كان فيما جمع أبو القاسم الزيدزي رحمه الله، ما يريحك من تعبك ويغنيك عن نصبك فما فائدتك فيما قصدت، وما الفائدة التي تعود عليك في هذا الذي جمعت.

فأقول: والله المستعان إن لكل أحد رأيًا يراه، وطريقًا يلتمسه ويتوخاه، وإن أبا القاسم رحمه الله أخذ الأحاديث غثها وسمينها وصحيحها وسقيمها، فأخرجها بجملتها، ولم يتكلم في شيء من عللها، إلا في الشيء اليسير، والنادر القليل، وقد ترك أحاديث في الأحكام لم يخرجها، إذ لم تكن في تلك الكتب التي أخرج حديثها، وإن كان فيها أحاديث معتلة فقد أخرج أمثالها في الوهن، وتلك الأحاديث التي ترك قد أخرجت منها ما يسر الله عز وجل به، وما كان منها فيه علة فذكرتها، كما فعلت في سائر ما في الكتب من الحديث المعتل مما أخرجته منها، إلا أن تكون العلة لا توهن الحديث لضعفها، وقلة القائلين بها.

وأيضًا فإن أبا القاسم عمد إلى الحديث فأخرجه من كتب كثيرة وترجم عليه بأسماء عديدة، ولم يذكر إلا لفظًا واحدًا، ولم يبين لفظ من هو، ولا من انفرد به، وقل ما يجيء الحديث الواحد في كتب كثيرة، إلا باختلاف في لفظ أو معنى، أو زيادة أو نقصان، ولم يبين هو شيئًا من ذلك، إلا في النزر القليل، أو في الحديث من المئة، أو في أكثر، أو فيما كان من ذلك، وليس الاختلاف في اللفظ مما يقدح في الحديث إذا كان المعنى متفقًا، ولكن الأولى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015