قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" وَقَدْ عَرَفَ النَّصَارَى كُلُّهُمْ أَنِّي لَمَّا خَاطَبْت التَّتَارَ فِي إطْلَاقِ الْأَسْرَى وَأَطْلَقَهُمْ غازان وقطلو شاه وَخَاطَبْت مَوْلَايَ فِيهِمْ فَسَمَحَ بِإِطْلَاقِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ لِي: لَكِنَّ مَعَنَا نَصَارَى أَخَذْنَاهُمْ مِنْ الْقُدْسِ فَهَؤُلَاءِ لَا يُطْلِقُونَ. فَقُلْت لَهُ: بَلْ جَمِيعُ مَنْ مَعَك مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ ذِمَّتِنَا؛ فَإِنَّا نُفْتِكَهُمْ وَلَا نَدَعُ أَسِيرًا لَا مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَأَطْلَقْنَا مِنْ النَّصَارَى مَنْ شَاءَ اللَّهُ. فَهَذَا عَمَلُنَا وَإِحْسَانُنَا وَالْجَزَاءُ عَلَى اللَّهِ. وَكَذَلِكَ السَّبْيُ الَّذِي بِأَيْدِينَا مِنْ النَّصَارَى يَعْلَمُ كُلُّ أَحَدٍ إحْسَانَنَا وَرَحْمَتَنَا وَرَأْفَتَنَا بِهِمْ؛ كَمَا أَوْصَانَا خَاتَمُ الْمُرْسَلِينَ حَيْثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِنَفْسِهِ «الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (?)،قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان:8،9].وَمَعَ خُضُوعِ التَّتَارِ لِهَذِهِ الْمِلَّةِ وَانْتِسَابِهِمْ إلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ؛ فَلَمْ نُخَادِعْهُمْ وَلَمْ نُنَافِقْهُمْ؛ بَلْ بَيَّنَّا لَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الْإِسْلَامِ الْمُوجِبِ لِجِهَادِهِمْ وَأَنَّ جُنُودَ اللَّهِ الْمُؤَيَّدَةَ وَعَسَاكِرَهُ الْمَنْصُورَةَ الْمُسْتَقِرَّةَ بِالدِّيَارِ الشَّامِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةِ: مَا زَالَتْ مَنْصُورَةٌ عَلَى مَنْ نَاوَأَهَا. مُظَفَّرَةً عَلَى مَنْ عَادَاهَا." (?)
والمقصود أنه لا يشترط لصحة جهاد الدفع أي شرط، لا وجود إمام، ولا وجود راية، ولا قصد إعلاء كلمة الله، ولا فتوى عالم، ولا وحدة الصف، ولا وجود القوة، ولا ترجح النصر، وهذا لا ينافي وجوب أن يقاتل المجاهدون صفاً واحداً تحت قيادة واحدة، فإن تعذر ذلك لم يبطل الجهاد ولم يتعطل، والله تعالى أعلم أحكم." (?)
- - - - - - - - - - - - -