لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قَالَتْ: فَثَارَ الحَيَّانِ الأَوْسُ، وَالخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ .. " (?)
وقد لا يقف بعض المسلمين مع هؤلاء، ولكن سيكون وقوفهم مع الدعاة ضعيفا ومترددا، لأنهم لم يتيقنوا أن هؤلاء على الباطل، مما يؤثر على المعركة التي يخوضها المسلمون ضد أعدائهم، وقد يؤدي إلى فرقة المسلمين وتأخر النصر.
8 - ومن أسباب تأخر النصر، أن البيئة المحَارَبَة قد تكون غير صالحة بعد لاستقبال الحق والخير والعدل
مما يقتضي أمورًا تهيئها لذلك قبل الدخول معها في معركة، ومن ذلك بذل جميع الوسائل الشرعية لبيان أن هؤلاء القوم -المحاربين- على الباطل، ومحاولة إقناعهم ودعوتهم وبيان حقيقة الإسلام، وفساد ما هم عليه من باطل.
فإن هذا الأمر إن لم يكن سببًا في هدايتهم قبل المعركة فإنه وسيلة لمعرفة الحق، ومن ثم القبول به بعد المعركة، ولذا فإن الدعوة إلى الإسلام تسبق الدخول في المعركة.
9 - ومن أسباب عدم الاستجابة لدين الله أن عوامل النصر قد تتوافر بالنسبة للداعية، لكن هناك موانع تتعلق بالمدعوين
- كالأمر السابق- ومن ذلك عدم تقدير الله هداية هؤلاء القوم، حيث كتب عليهم الضلالة، قال -سبحانه-: (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) [سورة الرعد، الآية:31]. وقال: (فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) [سورة النحل، الآية:36]. وقال -جل وعلا-: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) [سورة المائدة، الآية:41]. إلى غير ذلك من الآيات.
- - - - - - - - - - - -