تحقق له نوع من هذه الأنواع أو أكثر من نوع، كما حدث لنبينا محمد، - صلى الله عليه وسلم - فقد انتصر بظهور الدين وتمامه، وانتصر بإهلاك من كذبه في بدر وما بعدها، وانتصر، وهو يخرج من مكة، وانتصر بالحجة والبرهان، وانتصر بالمنع من الأعداء، وانتصر في مكان غير بلده، وانتصر بالثبات على دين الله والصدع بكلمة الحق، (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) [سورة الإسراء، الآية:74].
ويتفاوت الأنبياء والرسل، عليهم السلام، في الانتصارات التي حققوها، ولكن وعد الله قد تحقق لهم (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) [سورة الصافات، الآيات:171،172،173].
وكذلك كل مؤمن صادق فسيتحقق له الانتصار، سواء في حياته أم بعد مماته تحقيقا لوعد الله: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [سورة غافر، الآية:51].
ومن خلال ما سبق يتضح لنا المفهوم الشامل للانتصار، وأنه لا يجوز لنا أن نحدد نوع الانتصار الذي نريده.
فالأمر لله من قبل ومن بعد، ولسنا سوى عبيد له، سبحانه، نسعى لتحقيق عبوديته، ومن كمال العبودية أن نعلم ونوقن يقينا جازما لا شك فيه أن وعد الله متحقق لا محالة، ولكننا قد لا ندرك حقيقة هذا الأمر لحكمة يعلمها الله، وقد يتأخر النصر ابتلاء وامتحانا، وصدق الله العظيم: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة الروم، الآية:47].
- - - - - - - - - - - -