(ب) أن الدعوة انتقلت إلى بيئة أخرى تحميها وتؤازرها بدل أن كان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - محاربا مطاردا، وأصحابه يعذبون ويقتلون، ولا يتمكنون من إظهار عبادتهم لله كما حدث لهم في المدينة.

(ج) قيام دولة الإسلام في المدينة، وانطلاقة الجهاد بعد ذلك، ثم بدء دخول الناس في دين الله أفواجا.

وكذلك نجد أن هجرة الصحابة للحبشة كانت انتصارا لهم، وكبتا لأعدائهم، ولذلك لاحقتهم قريش إلى هنالك، ولكنهم عادوا خائبين حيث حماهم النجاشي، بل أسلم ودخل في دين الله!!

وقل مثل ذلك عن السجن والتعذيب والأذى، فإن انطلاقة الداعية قد تكون بداية من سجنه أو إيذائه.

فهذا داعية اتهم في عرضه من قبل أعدائه، وتصور كثير من الناس أن هذا الداعية قد انتهى، ولن يكون له شأن بعد اليوم، ولكن كانت هذه التهمة انطلاقة كبرى لهذا الداعية، من عدة أوجه:

(1) انتصر على نفسه حيث عرف أن رهبة السجن أكبر من حقيقته، حيث أدخل السجن مرتين، فأصبحت لديه مناعة من الخوف أو الرهبة من غير الله.

(ب) تكشف له الباطل، وعرف زيف بعض من كان يتلبس بالحق تمويها وخداعا.

(جـ) عرف صديقه من عدوه، وكما قال الشاعر:

جزى الله الشدائد عني كل خير ... عرفت بها صديقي من عدوي

(د) زاد عدد طلابه ومحبيه، وكثر المستمعون للحق الذي يدعو إليه، فأصبحوا عشرات الآلاف بل ويزيدون.

(هـ) كبت الله أعداءه وخصومه، وتجرعوا كأس الهزيمة وهم ينظرون.

أليس هذا هو الانتصار في الحياة الدنيا قبل الآخرة؟! (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) [سورة المنافقون، الآية:8]. وقبل أن نغادر هذا النوع من أنواع الانتصار، لا بد من الوقوف أمام حقيقة تخفى على الكثيرين، وهي نوع من أنواع انتصار الداعية، ذلك أن الداعية عندما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015