ونجد في العصر الحاضر سيد قطب -رحمه الله- كان قتله انتصارا لمنهجه الذي عاش من أجله، ومات في سبيله، حتى قال أحد الشيوعيين وهو في سجنه: إنني أتمنى أن أقتل كما قتل سيد وينتشر مبدئي وكتبي كما انتشرت كتب سيد قطب.
بل إننا وجدنا مطابع النصارى في لبنان تسارع إلى طباعة ونشر كتب سيد -يرحمه الله- كالظلال، والمعالم، وخصائص التصور الإسلامي، لما تدره من أرباح هائلة، نظرا لكثرة القراء والمستفيدين.
وهذا ما قصده سيد عندما قال: إن كلماتنا وأقوالنا تظل جثثا هامدة حتى إذا متنا في سبيلها وغذيناها بالدماء عاشت وانتفضت بين الأحياء.
(ج) الذكر الطيب بعد وفاته، قال إبراهيم، عليه السلام، (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) [سورة الشعراء، الآية:84]. والمقتول في سبيل الله له ذكر طيب عند المؤمنين، وهذا أمر مشاهد ومحسوس.
وكذلك الطرد والإخراج، قد يكون انتصارا للداعية، حين يتصور كثير من الناس أن هذا هزيمة له، ولذا فإن الله -جل وعلا- قال عن رسوله، - صلى الله عليه وسلم - حين أخرجته قريش من مكة. {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:40].
ولا شك أن خروجه من مكة كان انتصارا من عدة أوجه، أهمها:
(1) أن الله نجاه من المشركين، وحماه منهم، وأعماهم عنه، حيث أرادوا قتله.